المدير | التاريخ: السبت, 2015-08-22, 15:21:21 | رسالة # 1 |
 عضو ذهبي
مجموعة: المدراء
رسائل: 370
حالة: Offline
| طائفة المجاذيب فى مصرالمملوكية
أولا : رؤية المجتمعالمملوكى للمجاذيب1ــ تكلمنا عن المجاذيبفى الكتاب الخاص بالحياة الدينية فى فصل عن أنواع الأولياء ، ونعطى لمحة إضافية . فقد اعتبرهم ابن خلدون نوعا من الأولياء مع سقوط التكاليف عنهم [1] ،وصاحب كتاب ( شفاء السائل ) اعتبرهم دون مرتبة الإنسان . [2] .والبعض ينسب هذا الكتاب لابن خلدون وقد ثبت لنا أن هذا الكتاب لا علاقة له بابن خلدون . 2 ــ فى دين التصوف يُعتبر المجاذيب النوع الأعلى منالأولياء ، فهناك الولى (السالك ) الذى (يسلك ) الطريق الصوفى بالتعلم ، أو بأخذ العهد والخرقة على يد شيخ ، و(يسلك ) أو يسير فى الطريق الصوفى طبقا للدرجات الى ان يكون قطبا . ولكن المجذوب عندهم هو الذى يتم إختياره ( إلاهيا ) بأن تجذبه العناية الالهية ، فتأخذه من عقله ويصبح فجأة متعلقا بعالم الملكوت وعائشا فى ( الحضرة الالهية ) قد زال عنه ( حجاب ) الجسد و( فنى ) عن البشرية و ( تحقق ) بالألوهية فى زعمهم . وكون المجذوب أعلى قدرا من السالك أكده ابن عطاء فى كتابه ( لطائف المنن ) [3] .3 ــ وكان هذا الاعتقاد من حُسن حظ المجانين والمُلتاثينعقليا ، فأرتفعوا من درجة ( المجنون ) المُحتقر الى درجة ( المجذوب ) المُعتقد . وإذا جاءته اللوثة فهى الدليل القاطع على أنه من ( أرباب الأحوال ) الذى تعتريه حالات من الجذب الالهى . ومهما قال كلاما بشعا أو كلاما غير مفهوم ، ومهما أساء من تصرف فالاعتقاد فيه يزداد لأنه من (أرباب الأحوال) .4 ــ وإنصافا للتصوفوالعصر المملوكى فإن هذا الاعتقاد فى ( المجاذيب ) كان موجودا فى العصور الوسطى فى أوربا أيضا . فإبليس هو المُعلم للجميع . ولأن العقل السليم هو صمام الأمان والايمان للإنسان فإن الشيطان حريص على تغييب هذا العقل ، سواء بالخمر والمخدرات الحسية ، أو بالأديان الأرضية التى تجعل الفرد يغيب عقله وهو يقدس بشرا مثله ، أو يقدس قبورا وأصناما يصنعها بيده ثم يعكف عليها عابدا متبتلا ، أو يجعل المجنون فاقد العقل إلاها مقدسا بزعم أنه غائب عن هذا العالم المادى حاضر فى ( الحضرة الإلهية ). وهذه الخرافة تجد من يصدقها . وبهذا اصبح عاديا فى العصر المملوكى ان ترى المجنون فاقد العقل يسير فى الشارع فى شكل بشع ممزق الثياب ـ بل ربما بلا ثياب ، وتغلفه الحشرات ويعيش كالحيوان بين قاذورات ،وهو متمتع بالتقديس يتوسل به الناس يطلبون منه البركة والمدد . وكلما ساء حاله إزداد أتباعه .5 ـ وهذه الحالةالفريدة من الخبل العقلى للعصر المملوكى فى تقديس المجاذيب ــ أرساها أرباب الصوفية المحققون الذين هم فى رتبة ( السالك ) الأقل درجة من رتبة المجذوب، فيرى ابن عنان أن المجاذيب يعيشون في عالم آخر، يقول : (ان من شأن المجذوب انك ترى أحدهم ماشيا وهو راكب وتراه يأكل في رمضان وهو صائم لم يفطر وتراه عاريا وهو مرتد لثيابه )[4] ،وبالتالى فلو رأيته يفطر فى رمضان فلا تصدق عينيك ، ولو كان عاريا فأنت لا ترى الثياب التى يرتديها . ووضع الصوفية آدابالمخاطبة المجاذيب بما يستحقون من تقديس ، وافتخر الشعراني بمراعاة الآداب معهم ، وأوصى بعدم مخالطتهم لأنهم يعلمون الغيب ويقرأون الخواطر والسرائر بإعتبار وجودهم فى الحضرة الربانية . وقال المتبولي سلموا على أرباب الأحوال بالقلب دون اللفظ ، فإنهم في حضرة لا يقدرون على خطاب أحد باللفظ )[5] ..ثانيا : الانخراط فى (الجذب ) خداعا 1 ــ وبسبب هذهالمميزات والفضائل للمجاذيب ، وفرارا من الظلم المملوكى، ولسهوله الحصول على لقب ( مجذوب ) مقارنة بالصوفى السالك فقد إنخرط كثيرون فى سلك (الجذب) فانتشر المجاذيب فى كل مكان ، وأصبحوا يمثلون طبقة متحركة تهيم على وجهها فى المجتمع المصرى المملوكى .2 ـ ولم يقتصر الأمرعلى العوام ، بل ادعى كثير من الأولياء الصوفية الجذبة المؤقتة ليحصل على إعتقاد الناس فيه ويتمتع بالتقديس الذى يتمتع به المجاذيب والمجانين الحقيقيون . ، ووصل الدشطوطى بإدعاء الجذب الى الشهرة ، وبعد أن صار وليا فى إعتقاد الناس ( عاد اليه عقله ) ليتمتع بثمار جذبته الاختيارية المؤقتة. ويصف الدشطوطي جذبته حاكيا عن نفسه (..فحصل لي جاذب إلهي وصرت اغيب اليومين والثلاثة ثم افيق اجد الناس حولي وهم يتعجبون من أمري ، ثم صرت اغيب العشرة أيام والشهر ولا آكل ولا أشرب ..... فخرجت سائحا إلى وقتي هذا ) [6] .وبهذاأصبح الدشطوطى متمتعا باعتقاد الناس ، إذ كان المجذوب يوصف عادة بأنه معتقد (بفتح القاف) وبانه مقصود بالزيارة ) [7]..3ــ ونعطى أمثلةللفقهاء ( الماكرين ) الذين آثروا أن يتظاهروا بالجذب ( رياءا و إثما وعدوانا.!! ):3 / 1 : محمد المجذوب (كان طالب علم وصار خطيبا في جامع ، وما لبث أن هام على وجهه مجذوبا ) [8] .أى ترك الخطابة وترك الجامع وإنجذب فصار مشهورا ، فذكرته المراجع التارخية ، ولو ظل خطيبا ما إنتبه له المؤرخون .3/ 2 : ابن البناء (كان فقيها فاضلا عاقلا انتفع به جماعة من الطلبة فاحتجب وخرج على الناس مجذوبا )[9] ،أى إنه أحتجب ليسأل الناس عن سبب احتجابه وينتظرون ظهوره ، ثم يظهر لهم فجأة ، وهو مجذوب .!!.3 / 3 : (واشتغل الكمالالدمياطي بالعلم وكان على طريقة حسنة ، ثم انجذب ) [10] .كان طالب علم ضمن آلاف الطلبة ، وعندما إنجذب صار شيئا مذكورا .3 / 4 : وكان أبوبكرالبجائي فقيها مالكيا (ثم حصل له جذبه وصار صاحب كرامات )[11] .3 / 5 : قاضي القضاةالجلال الأنصاري انجذب بدعوى أن هاتفا دعاه للعبادة فساح في الأرض ( إلى أن أُذن له في الجلوس فبلغ المجاهدة مقام المشاهدة ) [12] ،أى زعم أنه هاتفا دعاه الى أن يكون مجذوبا فصار مجذوبا ، ثم جاء له الأمر بالجلوس شيخا صوفيا ، فجلس شيخا صوفيا ، وبلغ درجة ( المشاهدة ) أى مشاهدة الخالق جل وعلا بزعمه .!!،3 / 6 : وكانت لآخرينأسبابهم القوية في الجذبة، فالشيخ حُطيبة ) [13] وإسماعيلالصالحي ) [14] كلاهماعشق امرأة فانجذب ، وضاق الطوخي بما عليه من ديون فأظهر الجذب وكثر من يعتقده ،
يتبع........
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
|
|
| |
المدير | التاريخ: السبت, 2015-08-22, 15:21:49 | رسالة # 2 |
 عضو ذهبي
مجموعة: المدراء
رسائل: 370
حالة: Offline
| تابع للموضوع
جذبه ربانية فوصل إلى مقام القطبانية وسعت له الخلق [16] وكان عمر الكردي صوفيا بخانقاة سعيد السعداء فانجذب واشتهر بالصلاح [17] وحتى يشتهر الدشطوطي كانت هيئته كالمجاذيب ) [18] وانجذبأبوالفضل وفا ) [19] .واتخذ كثير من الأولياءفي نهاية العصر سمة المجاذيب كما يظهر في الطبقات الكبرى للشعراني ....ثالثا : بعض مظاهرالجذب1ــ وكان المجذوب يهذيبماله علاقة بعمله قبل الجذب فكان( الشيخ بهاء الدين المجذوب يحفظ البهجة كأن لا تزال تسمعه يقرأ فيها..) .. وكان فرج المجذوب يقول : ( عندك رزقه فيها خراج ودجاج وفلاحون ) ، وابن البجائي يقول: ( الفاعل مرفوع والمخفوض مجرور وكان القاضي ابن عبدالكافي ( يقول في بيت الخلاء : ولا حقّ ولا استحقاق ولا دعوى ولا طلب ) [20]..2ــ وتفنن المجاذيب فياتخاذ كل غريب في مظهرهم من حلق الوجه ولبس القرون او الألياف او الحرير او الحديد في اعناقهم ، او يتخذ الأعلام على رأسه، أاو يركب جريدة قد صور لها وجها وعينين ، أو يعلق فيها جرسا ، أو يتخذ الحروز الكثيرة حول عنقه كقلادة المرأة او يحمل الطبل في عنقه ) [21] .ومنهم من يمشي عريانا، أو يرتدي زي الجندي ويمشي بالسلاح والسيف ، أو يلبس زي القضاة والتجار ، ويغير الألوان . وربما حمل على رأسه عمامة نحو قنطار) [22] .وتارة يصيح احدهم ، أويصمت ، أو يتكلم ثلاثة أيام ويسكت مثلها ) [23] .3 ــ وقد يعرف أحدهمبالوقوف الطويل في مكان معين لا ينتقل منه صيفا او شتاء ، وبما امتدت المدة إلى ثلاثين سنة فبما يزعمون ، أو ينام أحدهم في كانون الطباخ ، أو يقيم في الأمكنة الخربة او البرية وحوله الحيوانات )[24] .4 ــ وعٌرف المجاذيب منأتباع ابن خضر المجذوب بأن احدهم (إذا طاب يضرب رأسه بعصاه هائلة ضربات متعددة بحيله وقواه ، ولا يسيل له دم ) [25] .وكانت لآخرين أحوالمضحكة فكان ابن مصيغير يخاصم ذباب وجهه ويتشوش من قول المؤذن (الله أكبر) فيرجمه ويقول عليك يا كلب نحن كفرنا يا مسلمين حتى تكبروا فينا ) .! . واذا مرت عليه جنازة وأهلها يبكون يمشي معهم ويقول : ( زلابية هريسة زلابية هريسة ) [26] .وكان بعضهم إذا رأيامرأة في الطريق ( يضربها ويقول غطي يدك فاشتهر بذلك ) [27] وكاناذا سأل أحدهم الدعاء من الشيخ نجيم قال له: ( كشك ولحم )، واذا دفع لجمال الدين الأسود نقود جديدة انشرح وقال محمدي محمدي (فيحصل للسامع انبساط ) .[28]5 ــ ويعبر عنهم المثلالشعبي ( زى المجاذيب .. كل ساعة في حال ) [29] [1]ــ المقدمة 110 ، 111[2]ــ شفاء السائل 88[3]ــ ابن عطاء : لطائف المنن 111[4]ــ أخبار القرن العاشر 134[5]ــ لطائف المنن 189 / 190 ، البحر المورود 185[6]ــ الطبقات الكبرى للشعراني 2 / 120 ، 121[7] ــ من الصعب حصرهم في المراجع وعلى سبيل المثال نذكر المنهل الصافي 3 / 187 ،النجوم الزاهرة 11 / 138 ، 16 / 177 ، 195 ، 13/، 18 ، تاريخ ابن اياس 2 / 211 طــ بولاق ، انباء الغمر 3 / 261 ، 3 / 153 ، 1 / 59 ... إلخ [8]ــ أخبار القرن العاشر مخطوط ورقة 181 الكواكب السائرة للغزى 1 / 87[9]ــ الدرر الكامنة 1 / 297 : 298[10]ــ التبر المسبوك 377[11]ــ تاريخ ابن الفرات 9 / 2 / 418[12]ــ تحفة الأحباب 193 : 195[13]ــ الضوء اللامع 1 / 373[14]ــ الغزى : الكواكب 1 / 161[15]ــ أنباء الغمر 2 / 117، التبر المسبوك 246 ، 247[16]ــ تحفة الأحباب 471[17]ــ النجوم 16 / 328 ، تاريخ ابن اياس 2 / 413 تحقيق محمد مصطفى [18]ــ الغزى الكواكب السائرة 1 / 248 ، الطبقات الكبرى للشعرانى 2 / 12[19] ــ تاريخ ابن اياس 2 / 218 طـ بولاق ، الضوء اللامع 4/ 247 ، روض الرياحين 203 ، الغزى الكواكب 1 / 87[20]ــ الشعرانى الطبقات الكبرى 2 / 12 ، اخبار القرن العاشر 181 ، الكواكبالسيارة 195[21]ــ رحلة تافور 3 / 64 ، المدخل لابن الحاج 2 / 203 ، 206 ، الطبقاتالكبرى للمناوى 388 ، الضوء اللامع 2 / 266[22]ــ عقد الجمان وفيات عام 721 لوحة 374 ر الطبقات الكبرى للشعرانى2 / 161 وشذرات الذهب 8 / 176[23]ــ إنباء الغمر 1 / 480 الطبقات الكبرى للشعرانى 2 / 129 ، 160[24]ــ الطبقات الكبرى للشعراني 2 / 206 ، الضوء اللامع 4/ 247 ، روض الرياحين 203 ، الغزى الكواكب 1 / 87 [25]ــ المنهل الصافى 4 / 94 [26]ــ الطبقات الكبرى للشعرانى 2 / 122[27]ــ تحفة الأحباب 196 . الكواكب السيارة 74[28]ــ الكواكب السيارة 43 [29]ــ الأمثال الشعبية تيمور179
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
|
|
| |