houari | التاريخ: الإثنين, 2016-10-24, 12:41:07 | رسالة # 1 |
 عضو نشيط
مجموعة: المدراء
رسائل: 49
حالة: Offline
| هل كان الإسراء بالروح أو بالجسد ؟
ثم اختلف السلف و العلماء : هل كان إسراء بروحه أو جسده ؟ على ثلاث مقالات : فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح ، و أنه رؤيا منام ، مع اتفاقهم أن رؤيا الأنبياء حق روحي ، و إلى هذا ذهب معاوية . و حكى عن الحسن ، و المشهور عنه خلافه ، و إليه أشار محمد بن اسحاق ، و حجتهم قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس . و ما حكوا عن عائشة رضي الله عنها : ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه و سلم . و قوله : بينا أنا نائم . و قول أنس : و هو نائم في المسجد الحرام ... و ذكر القصة ، ثم قال في آخرها : فاستيقظت و أنا بالمسجد الحرام . وذهب معظم السلف و المسلمين إلى أنه إسراء بالجسد و في اليقظة ، و هذا هو الحق ، و هو قول ابن عباس ، و جابر ، و أنس ، و حذيفة ، و عمر ، و أبي هريرة ، و مالك بن صعصعة ، و أبي حبة البدري ، و ابن مسعود ، و الضحاك ، و سعيد بن جبير ، و قتادة ، و ابن المسيب ، و ابن شهاب ، و ابن زيد ، و الحسن ، و إبراهيم ، و مسروق ، و مجاهد ، و عكرمة ، و ابن جريج ، و هو دليل قول عائشة ، و هو قول الطبري ، و ابن حنبل ، جما عة عظيمة من المسلمين . و قول أكثر المتأخرين من الفقهاء و المحدثين و المتكلمين و المفسرين . و قالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس ، و إلى السماء بالروح ، و احتجوا بقوله تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، فجعل [ فجعل إلى المسجد الأقصى ] غاية الإسراء الذي وقع التعجب فيه بعظيم القدرة ، و التمدح بتشريف النبي محمد الله صلى الله عليه و سلم به ، و إظهار الكرامة له بالإسراء إليه . قال هؤلاء : و لو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره ، فيكون أبلغ في المدح . ثم اختلفت هذه الفرقتان : هل صلى ببيت المقدس أم لا ؟ ففي حديث أنس وغيره ما تقدم من صلاته فيه . و أنكر ذلك حذيفة بن اليمان ، و قال : و الله ما زال عن ظهر البراق حتى رجع . قال القاضي و الحق من هذا و الصحيح إن شاء الله ـ إنه إسراء بالجسد و الروح في القصة كلها ، و عليه تدل الآية ، و صحيح الأخبار ، و الإعتبار ، و لا يعدل عن الظاهر و الحقيقة إلى التأويل إلا عند الإستحالة ، و ليس في الإسراء بجسده و حال يقظته استحالة ، إذ لو كان مناماً لقال : بروح عبده ، و لم يقل : بعبده . و قوله تعالى : ما زاغ البصر وما طغى ، و لو كان مناماً لما كانت فيه آية و لا معجزة ، و لما استبعده الكفار ، و لا كذبوه فيه ، و لا ارتد به ضعفاء من أسلم ، و افتتنوا به ، إذ مثل هذا من المنامات لا ينكر ، بل لم يكن منهم ذلك [ 62 ] إلا و قد علموا أن خبره إنما كان عن جسمه و حال يقظته ، إلى ما ذكر في الحديث من ذكر صلاته بالأنبياء ببيت المقدس في رواية أنس ـ أو في السماء على ما روي غيره و ذكر مجيء جبريل له بالبراق و خبر المعراج ، و استفتاح السماء ، فيقال : من معك ؟ فيقول : محمد ، و لقائه الأنبياء فيها ، و خبرهم معه ، و ترحيبهم به ، و شأنه في فرض الصلاة و مراجعته مع موسى في ذلك . و في بعض هذه الأخبار : فأخذ ـ يعني جبريل ـ بيدي فعرج بي إلى السماء ... إلى قوله : ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام و أنه وصل إلى سدرة المنتهى ، و أنه دخل الجنة ، و رأى فيها ما ذكره . قال ابن عباس : هي رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه و سلم لا رؤيا منام . و عن الحسن فيه : بينا أنا نائم في الحجر جاءني جبريل فهمزني بعقبة ، فقمت فجلست فلم أر شيئاً ، فعدت لمضجعي ـ ذكر ذ لك ثلاثاً ، فقال في الثالثة : فأخذ بعضدي فجرني إلى باب المسجد فإذا بدابة . و ذكر خبر البراق . و عن أم هانىء : ما أسري برسول الله صلى الله عليه و سلم إلا و هو في بيتي ، تلك الليلة صلى العشاء الآخرة ، و نام بيننا ، فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلما صلى الصبح و صلينا قال : يا أم هانىء ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ، ثم صليت الغداة معكم الآن كما ترون . و هذا بين في أنه بجسمه . و عن أبي بكر من رواية شداد بن أوس عنه ـ قال النبي صلى الله عليه و سلم ليلة أسرى به : طلبتك يا رسول الله البارحة في مكانك فلم أجدك . فأجابه : إن جبريل عليه السلام حملني إلى المسجد الأقصى . و عن عمر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ، ثم دخلت الصخرة فإذا بملك قائم معه آنية ثلاث .. و ذكر الحديث . و هذه التصريحات ظاهرة غير مستحيلة ، فتحمل على ظاهرها . و عن أبي ذر ، عنه صلى الله عليه و سلم : فرج سقف بيتي و أنا بمكة ، فنزل جبريل ، فشرح صدري ، ثم غ سله بماء زمزم ... إلى آخر القصة ، ثم أخذ بيدي ، فعرج بي . و عن أنس : أتيت فانطلق بي إلى زمزم ، فشرح عن صدري . و عن أبي هريرة رضي الله عنه : لقد رأيتني في الحجر ، و قريش تسألني عن مسراي ، فسألتني عن أشياء لم أثبتها ، فكربت كرباً ما كربت مثله قط ، فرفعه الله لي أنظر إليه . و نحوه عن جابر . و قد روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث الإسراء عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : ثم رجعت إلىخديجة و ما تحولت عن جانبها .
|
|
| |