houari | التاريخ: الإثنين, 2016-10-24, 12:42:20 | رسالة # 1 |
 عضو نشيط
مجموعة: المدراء
رسائل: 49
حالة: Offline
| إبطال حجج من قال إنها نوم
احتجوا بقوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ، فسماها رؤيا ؟ قلنا : قوله سبحانه و تعالى : الذي أسرى بعبده ـ يرده ، لأنه لا يقال في النوم : أسرى . وقوله : فتنة للناس . يؤيد أنها رؤيا عين ، و إسراء بشخص ، إذ ليس في الحلم فتنة . و لا يكذب به أحد ، لأن كل أحد يرى مثل ذلك في منامه من الكون في سلعة واحدة في أقطار متباينة [ 63 ] . على أن المفسرين قد اختلفوا في هذه الآية ، فذهب بعضهم إلى أنها نزلت في قضية الحديبية ، و ما وقع في نفوس الناس من ذلك . و قيل غير هذا . و أما قولهم : إنه قد سماها في الحديث مناماً . و قوله في حديث آخر : بين النائم و اليقظان . و قوله أيضاً : و هو نائم . و قوله : ثم استيقظت ـ فلا حجة فيه ، إذ قد يحتمل أن أول وصول الملك إليه كان و هو نائم ، أو أول حمله و الإسراء به و هو نائم ، و ليس في الحديث أنه كان نائماً في القصة كلها إلا ما يدل عليه : ثم استيقظت و أنا في المسجد الحرام ، فلعل قوله : استيقظت بمعنى أصبحت ، أو استيقظ من نوم آخر بعد وصوله بيته . و يدل عليه أن مسراه لم يكن طول ليله ، و إنما كا ن في بعضه . و قد يكون قوله : استيقظت و أنا في المسجد الحرام لما كان غمره من عجائب ما طالع من ملكوت السموات و الأرض ، و خامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى ، و ما رأى من آيات ربه الكبرى ، فلم يستفق و يرجع إلى حال البشرية إلا و هو بالمسجد الحرام . و وجه ثالث أن يكون نومه و استيقاظه حقيقة على مقتضى لفظه ، و لكنه أسرى بجسده و قلبه حاضر ، و رؤيا الأنبياء حق ، تنام أعينهم و لا تنام قلوبهم . و قد مال بعض أصحاب الإشارات إلى نحو من هذا . قال : تغميص عينيه لئلا يشغله شيء من المحسوسات عن الله تعالى . و لا يصح هذا أن يكون في وقت صلاته بالأنبياء ، و لعله كانت له في هذا الإسراء حالات . و وجه رابع ، و هو أن يعبر بالنوم ها هنا عن هيئة النائم من الإضطجاع ، و يقويه قوله في رواية عبد بن حميد ، عن همام : بينا أنا نائم ـ و ربما قال : مضطجع . و في رواية هدبة ، عنه : بينا أنا نائم في الحطيم ـ و ربما قال : في الحجر ـ مضطجع و قوله في الرواية الأخرى : بين النائم و اليقظان . فيكون سمى هيئة النائم غالباً . و ذهب بعضهم إلى أن هذه الزيادات : من النوم ، و ذكر شق البطن ، و دنو الرب عز و جل الواق عة في هذا الحديث إنما هي من رواية شريك عن أنس ، فهي منكرة من روايته ، إذشق البطن في الأحاديث الصحيحة إنما كان في صغره صلى الله عليه و سلم و قبل النبوة ، و لأنه قال في الحديث : قبل أن يبعث ، و الإسراء بإجماع كان بعد المبعث ، فهذا كله يوهن ما وقع في رواية أنس ، مع أن أنساً قد بين من غير طريق أنه إنما رواه عن غيره ، و أنه لم يسمعه من النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال ـ مرة : عن مالك بن صعصعة ، و في كتاب مسلم : لعله عن مالك بن صعصعه ـ على الشك . و قال مرة : كان أبو ذر يحدث . و أما قول عائشة : ما فقد جسده ، فعائشة لم تحدث به عن مشاهدة ، لأنها لم تكن حينئذ زوجه ، و لا في سن من يضبط ، و لعلها لم تكن ولدت بعد ، على الخلاف في الإسراء متى كان ، فإن الإسراء كان في أول الإسلام على قول الزهري و من وافقه بعد المبعث بعام و نصف ، و كانت عائشة في الهجرة بنت نحو ثمانية أعوام . و قد قيل : كان الإسراء لخمس قبل الهجرة . و قيل : قبل الهجرة بعام . و الأشبه إنه لخمس . و الحجة لذلك تقول ، [64] و ليست من غرضنا ، فإذا لم تشاهد ذلك عائشة دل أنها حدثت بذلك عن غيرها ، فلم يرجح خبرها على خبر غيرها ، و غي رها يقول خلافه مما وقع نصاً في حديث أم هانىء و غيره . و أيضاً فليس حديث عائشة رضي الله عنها بالثابت ، و الأحاديث الأخر أثبت ، ولسنا نعني حديث أم هانىء ، و ما ذكرت فيه خديجة . و أيضاً فقد رويى في حديث عائشة : [مافقدت ] ، و لم يدخل بها النبي صلى الله عليه و سلم إلا بالمدينة . و كل هذا يهنه ، بل الذي يدل عليه صحيح قولها : إنه بجسده ، لإنكارها أن تكون رؤياه لربه رؤيا عين ، و لو كانت عندها مناماً لم تنكره . فإن قيل : فقد قال تعالى : ما كذب الفؤاد ما رأى ـ فقد جعل ما رآه للقلب ، و هنا يدل على أنه رؤيا نوم و وحي ، لا مشاهدة عين و حس . قلنا : يقابله قوله تعالى : ما زاغ البصر وما طغى ـ فقد أضاف الأمر للبصر . و قد قال أهل التفسير في قوله تعالى . ما كذب الفؤاد ما رأى ، أي لم يوهم القلب العين غير الحقيقة ، بل صدق رؤيتها . و قيل : ما أنكر قلبه ما رأته عينه .
|
|
| |