houari | التاريخ: الإثنين, 2016-10-24, 12:55:02 | رسالة # 1 |
 عضو نشيط
مجموعة: المدراء
رسائل: 49
حالة: Offline
| في تفصيله بالشفاعة و المقام المحمود
قال الله تعالى : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [سورة الإسراء / 17 ، الآية : 79 ] . أخبرنا الشيخ أبو علي الغساني الجياني فيما كتب إلي بخطه ، حدثنا سراج بن عبد الله القاضي ، حدثنا أبو محمد الأصيلي ، حدثنا أبو زيد ، و أبو أحمد ، قالا : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبان ، حدثنا أبو الأحوص ، عن آدم بن علي ، قال : سمعت ابن عمر يقول : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثى ، كل أمة تتبع نبيها ، يقولون : يا فلان ، اشفع لنا ، يا فلان اشفع لنا ، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود . و عن أبي هريرة : سئل عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم ـ يعني قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ، فقال : هي الشفاعة . و روى كعب بن مالك ، عنه صلى الله عليه و سلم : يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا و أمتي على تل و يكسوني ربي حلة خضراء ، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود . و عن ابن عمر [ 73 ] رضي الله عنه ـ و ذكر حديث الشفاعة ـ قال : فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة ، فيومئذ يبعثه الله المقام المحمود الذي وعده . و عن ابن مسعود عنه صلى الله عليه و سلم أنه قيامه عن يمين العرش مقاماً لا يقومه غيره ، يغبطه فيه الأولون و الآخرون . و نحوه عن كعب والحسن . و في رواية : هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه . عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إني لقائم المقام المحمود . قيل : و ما هو ؟ قال : ذلك يوم ينزل الله تبارك و تعالى [ على كرسيه ] . . الحديث . و عن أبي موسى رضي الله عنه ، عنه صلى الله عليه و سلم : خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة ، لأنها أعم ، أترونها للمتقين ؟ لا ، و لكنها للمذنبين الخطائين . و عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ، ماذا ورد عليك في الشفاعة ؟ فقال : شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً ، يصدق لسانه قلبه . و عن أم حبيبة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أريت ما تلقى من بعدي ، و سفك بعضهم دماء بعض ، و سبق لم من الله ما سبق للأمم قبلهم ، فسألت الله أن يؤتيني شفاعة يوم القيامة فيهم ، ففعل . و قال حذيفة : يجمع الله الناس ، في صعيد واحد حيث يسمعهم الداعي ، و ينفذهم البصر ، حفاة عراة كما خلقوا ، سكوتاً لا تكلم نفس إلا بإذنه ، فينادى محمد فيقول : لبيك و سعديك ، و الخير في يديك ، و الشر ليس إليك ، و المهتدي من هديت ، و عبدك بين يديك ، و لك و إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، تباركت و تعاليت ، سبحانك رب البيت ـ قال : فذلك المقام المحمود الذي ذكر الله . و قال ابن عباس رضي الله عنه : إذا دخل أهل النار النار ، و أهل الجنة الجنة ، فتبقى آخر زمرة من الجنة و آخر زمرة من النار ، فتقول زمرة النار لزمرة الجنة : ما نفعكم إيمانكم ، فيدعون ربهم ويضجون ، فيسمعهم أهل الجنة فيسلون آدم وغيره بعده في الشفاعة لهم ، فكل يعتذر حتى يأتوا محمداً صلى الله عليه و سلم ، فيشفع لهم ، فذلك المقام المحمود . و نحوه عن ابن مسعود أيضاً ، و مجاهد . و ذكر علي بن الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم . و قال جابر بن عبد الله ليزيد الفقير : سمعت بمقام محمد ـ يعني الذي بعثه الله فيه ؟ قلت : نعم . قال : فإنه مقام محمد المحمود الذي يخر ج الله به من يخرج ـ يعني من النار ـ و ذكر حديث الشفاعة في إخراج الجهنميين . و عن أنس نحوه ، و قال : فهذا المقام المحمود الذي وعده . [ و عن سلمان : المقام المحمود هو الشفاعة في أمته يوم القيامة . و مثله عن أبي هريرة رضي الله عنه . و قال قتادة : كان أهل العلم يرون المقام المحمود هو شفاعته يوم القيامة ، وعلى أن المقام المحمود مقامه عليه الصلاة و السلام للشفاعة مذاهب السلف من الصحابة و التابعين و عامة أئمة المسلمين . و بذلك جاءت الشفاعة مفسرةً في صحيح الأخبار عنه عليه الصلاة والسلام : وجاءت مقالة في تفسيرها شاذةً عن بعض السلف ، يجب ألا تثبت ، إذا لم يعضدها صحيح أثر ، ولا سند نظر . ولو صحت لكان لها تأويل غير مستنكر ، لكن ما فسره النبي صلى الله عليه و سلم في صحيح الآثار برده ، فلا يجب أن يلتفت إليه ، مع أنه لم يأت في كتاب ولا سنة ، و لا اتفق على المقال أمة ، وفي إطلاق ظاهره منكر من القول وشنعة ] . و في رواية أنس و أبو هريرة وغيرهما ، دخل حديث بعضهم في حديث بعض : قال صلى الله عليه و سلم : يجمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة فيهتمون ـ أو قال : فيلهمون فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا . و من طريق آخر ، عنه : [ ماج الناس بعضهم في بعض ] . و عن أبي هريرة : وتدنو الشمس ، فيبلغ الناس من الغم ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقولون : ألا تنظرون من يشفع لكم ، فيأتون آدم فيقولون ، زاد بعضهم : أنت آدم أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، و اسكنك جنته ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا ، ألا ترى [ 74 ] ما نحن فيه ؟ . فيقول : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب مثله ، ولا يغضب بعده مثله ، ونهائي عن الشجرة فعصيت ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح . فيأتون نوحاً فيقولون : أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبداً شكوراً ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما بلغنا ! ألا تشفع لنا إلى ربك ؟ فيقول : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولا يغضب بعده مثله ، نفسي ! نفسي ! قال ـ في رواية أنس : ويذكر خطيئته التي أصاب : سؤاله ربه بغير علم . وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه : وقد كانت لي دعوة دعوتها على قومي ، اذهبوا إلى غيري . اذهبوا إلى إبراهيم ، فإنه خليل الله . فيأتون إبراهيم ، فيقولون : أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضباً . . . فذكر مثله ، ويذكر ثلاث كلمات كذبهن . نفسي ، نفسي ، لست لها ، ولكن عليكم بموسى ، فإنه كليم الله . وفي رواية : فإنه عبد آتاه الله التوراة ، وكلمه وقربه نجياً . قال : فيأتون موسى ، فيقول : لست لها ، ويذكر خطيئته التي أصاب ، وقتله النفس ، نفسي ، نفسي ، ولكن عليكم بعيسى ، فإنه روح الله وكلمته . فيأتون عيسى ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بمحمد ، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . فأوتى ، فأقول : أنا لها . فأنطلق فأستاذن على ربي ، فيؤذن لي ، فإذا رأيته وقعت ساجداً . وفي رواية : فآتي تحت العرش ، فأخر ساجداً . وفي رواية : فأقوم بين يديه ، فأحمد بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيها الله . وفي رواية : فيفتح الله علي من محامده ، وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي . قال ـ في رواية أبي هريرة : فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، سل ، تعطه ، و اشفع تشفع ، فأرفع رأسي ، فأقول : يا رب ، أمتي ، يا رب ، أمتي . في قول : أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، و هم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب . و لم يذكر في رواية أنس هذا الفصل ، و قال ـ مكانه : ثم أخر ساجداً ، فيقال لي : يا محمد ، ارفع رأسك ، و قل يسمع لك ، و اشفع تشفع ، و سل تعطه . فأقول : يا رب ، أمتي ، أمتي . فيقال : انطلق ، فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه ، فأنطلق فأفعل . ثم أرجع إلى ربي ، فأحمده بتلك المحامد و ذكر مثل الأول ، و قال فيه : مثقال حبة من خردل . قال : فأفعل ، ثم أرجع ... و ذكر مثل ما تقدم ، و قال فيه : من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل ، فأفعل . و ذكر في المرة الرابعة : فيقال لي : ارفع رأسك ، و قل يسمع ، و اشفع تشفع ، و سل تعطه . فأقول : يا رب ، ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله . قال : ليس ذلك إليك . و لكن و عزتي و كبريائي و عظمتي و جبريائي لأخرجن من النار من قال : لا إله إلا الله . و من رواية قتادة عنه ، قال : فأقول يا رب ، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ، أي وجب عليه الخلود . و عن أبي بكر ، و عقبة بن عامر ، و أبي سعيد ، و حذيفة مثله ، قال : فيأتون [ 75 ] محمداً فيؤذن له ، و تأتي الأمانة و الرحم فتقومان جنبتي الصراط . وذكر في رواية أبي مالك ، عن حذيفة : فيأتون محمداً فيشفع ، فيضرب الصراط فيمرون : أولهم كالبرق ، ثم كالريح ، و الطير ، و شد الرجال ، و نبيكم صلى الله عليه و سلم على الصراط يقول : اللهم سلم سلم ،حتى يجتاز الناس . و ذكر آخرهم جوازاً . . . الحديث . و في رواية أبي هريرة : فأكون أول من يجيز . و عن ابن عباس ، عنه صلى الله عليه و سلم : يوضع للأنبياء منابر يجلسون عليها ، ويبقى منبري لا أجلس عيله قائماً ، بين يدي ربي منتصباً ، فيقول الله تبارك و تعالى : ما تريد بأمتك ؟ فأقول : يا رب ، عجل حسابهم ، فيدعى بهم ، فيحاسبون . فمنهم من يدخل برحمته ، و منهم من يدخل الجنة بشفاعتي ، و لا أزال أشفع حتى أعطى صكاكاً برجال قد أمر بهم إلى النار ، حتى إن خازن النار ليقول : يا محمد ، ما تركت لغضب ربك في أمتك من نقمة . ومن طريق زياد النميري ، عن أنس ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أنا أول من تنفلق الأرض عن جمجمته و لا فخر ، و أنا سيد الناس يوم القيا مة و لا فخر ، و معي لواء الحمد يوم القيامة ، و أنا أول من تفتح له الجنة و لا فخر ، فآتي فآخذ بحلقة الجنة ، فيقال : من هذا ؟ فأقول : محمد ، فيفتح لي ، فيستقبلني الجبار تعالى ، فأخر له ساجداً . . . و ذكر نحو ما تقدم . و من رواية أنس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: لأشفعن يوم القيامة لأكثر مما في الأرض من حجر وشجر . فقد اجتمع من اختلاف ألفاظ هذه الآثار أن شفاعته ـ صلى الله عليه و سلم ، و مقامه المحمود من أول الشفاعات إلى آخرها ، من حين يجتمع الناس للحشر ، و تضيق بهم الحناجر ، و يبلغ منهم العرق و الشمس و الوقوف مبلغه ، و ذلك قبل الحساب ، فيشفع حينئذ لإراحة الناس من الموقف ، ثم يوضع الصراط ، و يحاسب الناس ، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة و حذيفة . و هذا الحديث أتقن ، فيشفع في تعجيل من لا حساب عليه من أمته إلى الجنة ـ كما تقدم في الحديث ـ ثم يشفع فيمن وجب عليه العذاب ، و دخل النار منهم حسب ما تقضيه الأحاديث الصحيحة ، ثم فيمن قال : لا إله إلا الله . و ليس هذا لسواه صلى الله عليه و سلم . و في الحديث المنتشر الصحيح : لكل نبي دعوة يدعو بها ، و اختبأت دعوتي شفاعةً لأ متي يوم القيامة . قال أهل العلم : معناه دعوة أعلم أنها تستجاب لهم ، و يبلغ فيها مرغوبهم ، و إلا فكم لكل نبي منهم من دعوة مستجابة ، و لنبينا صلى الله عليه و سلم منها ما لا يعد ، لكن حالهم عند الدعاء بها بين الرجاء و الخوف ، و ضمنت لهم إجابة دعوة فيما شاءوه يدعون بها على يقين من الإجابة . و قد قال محمد بن زياد ، و أبو صالح ، عن أبي هريرة في هذا الحديث : لكل نبي دعوة دعا بها في أمته ، فاستجيب له ، و أنا أريد أن أدخر ، دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة . و قي رواية أبو صالح : لكل نبي دعوة مستجابة ، فتعجل كل نبي دعوته . و نحوه في رواية أبي زرعة عن أبي هريرة [ 76 ] . و عن أنس مثل رواية ابن زياد ، عن أبي هريرة . فتكون هذه الدعوة المذكورة مخصوصةً بالأمة مضمونة الإجابة ، و الإ فقد أخبر صلى الله عليه و سلم أنه سأل لأمته أشياء من أمور الدين والدنيا و أعطي بعضها ، و منع بعضها ، وادخر لهم هذه الدعوة ليوم الفاقة ، و خاتمة المحن ، و عظيم الشؤال و الرغبة . جزاه الله أحسن ما جزى نبياً عن أمته ، و صلى الله عليه و سلم كثيراً .
|
|
| |