houari | التاريخ: الإثنين, 2016-10-24, 13:10:49 | رسالة # 1 |
 عضو نشيط
مجموعة: المدراء
رسائل: 49
حالة: Offline
| في بيان أن الله تعالى لا يشبه شيئاً من مخلوقاته
قال القاضي أبو الفضل : وفقه الله ، و هأنا أذكرنكتةً أذيل بها هذا الفصل ، و أختم بها هذا القسم ، و أزيح الإشكال بها فيما تقدم عن كل ضعيف الوهم ، سقيم الفهم ، تخلصه من مهاوي التشبيه ، و تزحزحه عن شبه التمويه ، و هو أن يعتقد أن الله تعالى جل اسمه في عظمته و كبريائه و ملكوته ، و حسنى أسمائه ، و علي صفاته ، لا يشبه شيئاً من مخلوقاته ، و لا يشبه به ، و أن ما جاء مما أطلقه الشرع على الخالق و على المخلوق ، فلا تشابه بينهما في المعنى الحقيقي ، إذ صفات القديم بخلاف صفات المخلوق ، فكما أن ذاته لا تشبه الذوات كذلك صفاته لا تشبه صفات المخلوقين ، إذ صفاتهم لا تنفك عن الأعراض و الأغراض ، و هو تعالى ـ منزه عن ذلك ، بل لم يزل بصفاته و أسمائه ، و كفى في هذا قوله : ليس كمثله شيء [ سورة الشورى / 42 ، الآية : 11 ] . و لله در من قال من العلماء العارفين المحققين : التوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات و لا معطة عن الصفات . و زاد هذه النكتة الواسطي ـ رحمه الله ـ بياناً ، و هي مقصودنا ، فقال : ليس كذاته ذات ، و لا كأسمه اسم ، و لا كفعله فعل ، و لا كصفته صفة ، إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ ، و جلت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة ، كما استحال أن تكون للذات المحدثة صفة قديمة . و هذا كله مذهب أهل الحق و السنة و الجماعة رضي الله عنهم . و قد فسر الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله ـ قوله [ 85 ] هذا ، ليزيد بياناً ، فقال : هذه الحكاية تشتمل على جوامع مسائل التوحيد ، و كيف تشبه ذاته ذات المحدثات ، و هي بوجودها مستغنية ، و كيف يشبه فعله فعل الخلق ، و هو لغير جلب أنس ، أو دفع نقص حصل ، و لا لخواطر و أغراض وجد ، و لا بمباشرة و معالجة ظهر ، و فعل الخلق لا يخرج عن هذه الوجوه . و قال آخر ـ من مشايخنا : ما توهمتموه بأوهامكم ، أو أدركتموه بعقولكم فهو محدث مثلكم . و قال الإمام أبو المعالي الجويني : من اطمأن إلى موجود انتهى إليه فكره ، فهو مشبه ، و من اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل و إن قطع بموجود اعتراف بالعجز عن درك حقيقته فهو موحد . و ما أحسن قول ذي النون المصري : حقيقة التوحيد أن تعلم أن قدرة الله تعالى في الأشياء بلا علاج ، وصنعه لها بلا مزاج ، وعلة كل شيء صنعه ، و لا علة لصنعه ، و ما تصور في و همك فالله بخلاف ه . و هذا كلام عجيب نفيس محقق ، و الفصل الآخر ، تفسير لقوله : ليس كمثله شيء [ سورة الشورى / 42 ، الآية : 11 ] . و الثاني، تفسير لقوله : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون و الثالث ، تفسير لقوله : إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون [ سورة النحل / 16 ، الآية : 40 ] . ثبتنا الله و إياك على التوحيد و الإثبات ، و التنزيه ، و جنبنا طرفي الضلالة و الغواية من التعطيل و التشبيه بمنه ورحمته .
|
|
| |