المدير | التاريخ: الثلاثاء, 2016-11-15, 07:24:40 | رسالة # 1 |
 عضو ذهبي
مجموعة: المدراء
رسائل: 370
حالة: Offline
| فيما يجب على الأنام من حقوقه عليه السلام
في فرض الإيمان به و وجوب طاعته واتباع سنته إذا تقرر بما تقدم ثبوت نبوته وصحة رسالته ، وجب الإيمان به وتصديقه فيما أتى به ، قال الله تعالى : فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا [ سورة التغابن / 64 : الآية 8 ] . و قال : إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * لتؤمنوا بالله ورسوله [ سورة الفتح / 48 : الآية : 8 ، 9 ] . و قال : فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [ سورة الأعراف / 7 ، الآية : 158 ] . فالإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه و سلم واجب متعين لا يتم إيمان إلا به ، ولا يصح إسلام إلا معه ، قال الله تعالى : ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا [ سورة الفتح / 48 ، الآية : 13 ] . حدثنا أبو محمد الخشني الفقيه بقراءتي عليه ، حدثنا الإمام أبو علي الطبري ، حدثنا عبد الغافر الفارسي ، حدثنا ابن عمرويه ، حدثنا ابن سفيان ، حدثنا أبو الحسين ، حدثنا أمية بن بسطام ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا روح ، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله . قال القاضي أبوالفضل : والإيمان به _ صلى الله عليه و سلم هو تصديق نبوته و رسالة الله له ، وتصديقه في جميع ما جا به و ما قاله ، و مطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بأنه رسول الله ، فإذا اجتمع التصديق به بالقلب ، والنطق بالشهادة بذلك اللسان ، ثم الإيمان به والتصديق له كما ورد في الحديث نفسه من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله . وقد زاده وضوحاً في حديث جبريل ، إذقال : أخبرني عن الإسلام ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ... وذكر أركان الإسلام . فقد قرر أن الإيمان به محتاج إلى العقد بالجنان ، والإسلام به مضطر إلى النطق باللسان [ 137 ] . وهذه الحال المحمودة التامة . وأما الحال المذمومة فالشهادة باللسان دون تصديق القلب ، وهذا هو النفاق ، قال الله تعالى : إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ، أي كاذبون في قولهم ذلك عن اعتقادهم وتصديقهم ، وهم لا يعتقدونه ، فلما لم تصدق ذلك ضمائرهم لم ينفعهم أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، فخرجوا عن اسم الإيمان ، و لم يكن لهم في الآخرة حكمه ، إذ لم يكن معهم إيمان ، ولحقوا بالكافرين في الدرك الأسفل من النار ، وبقي عليهم حكم الإسلام ، بإظهار شهادة الإسلام ، في أحكام الدنيا المتعلقة بالأئمة وحكام المسلمين الذين أحكامهم على الظواهر ، بما أظهروه من علا مة الإسلام ، إذ لم يجعل للبشر سبيل إلى السرائر ، ولا أمروا بالبحث عنها ، بل نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن التحكم عليها ، و ذم ذلك ، و قال : هلا شققت عن قلبه . و للفرق بين القول و العقد ما جعل في حديث جبريل : الشهادة من الإسلام ، والتصديق من الإيمان . و بقيت حالتان أخريان بين هذين : إحداهما ـ أن يصدق بقلبه ثم يخترم ـ قبل اتساع وقت للشهادة بلسانه ، فاختلف فيه ، فشرط بعضهم من تمام الإيمان القول و الشهادة به ، و رآه بعضهم مؤمناً مستوجباً للجنة ، لقوله صلى الله عليه و سلم : يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذر ة من إيمان ، فلم يذكر سوى ما في القلب . و هذا مؤمن بقلبه ، غير عاص و لا مفرط بترك غيره . و هذا هو الصحيح في هذا الوجه . الثانية : أن يصدق بقلبه و يطول مهله ، و علم ما يلزمه من الشهادة ، فلم ينطق بها جملة و لا استشهد في عمره و لا مرة ، فهذا اختلف فيه أيضاً ، فقيل : هو مؤمن ، لأنه مصدق ، و الشهادة من جملة الأعمال ، فهو عاص بتركها غير مخلد في النار . و قيل : ليس بمؤمن حتى يقارن عقده شهادة اللسان ، إذ الشهادة إنشاء عقد ، و التزام ايمان ، و هي مرتبطة مع العقد ، و لا يتم التصديق مع المهلة إلا بها . و هذا هو الصحيح . و هذا نبذ يفضي إلى متسع من الكلام في الإسلام و الإيمان و أبوابهما ، و في الزيادة فيهما و النقصان ، و هل التجزي ممتنع على مجرد التصديق لا يصح فيه جملة ، و إنما يرجع إلى ما زاد عليه من عمل ، و قد يعرض فيه لاختلاف صفاته و تباين حالاته ، من قوة يقين ، و تصميم اعتقاد ، و وضوح معرفة ، و دوام حالة ، و حضور قلب . و في بسط هذا خروج عن غرض التأليف ، و فيما ذكرنا غنية فيما قصدنا إن شاء الله .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
|
|
| |