المدير | التاريخ: الثلاثاء, 2016-11-15, 07:31:41 | رسالة # 1 |
 عضو ذهبي
مجموعة: المدراء
رسائل: 370
حالة: Offline
| في علامة محبته صلى الله عليه و سلم اعلم أن من أحب شيئاً آثره و آثر موافقته ، و إلا لم يكن صادقاً في حبه ، و كان مدعياً . فالصادق في حب النبي صلى الله عليه و سلم من تظهر علامة ذلك عليه ، و أولها الاقتداء به ، و استعمال سنته ، و اتباع أقواله و أفعاله ، و اجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عسره و يسره ، و منشطه و مكرهه ، و شاهد هذا قوله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [ سورة آل عمران /3 ، الآية : 31 ] . وإيثار ما شرعه و حض عليه على هوى نفسه تعالى و موافقة شهوته ، قال الله تعالى : والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [ سورة الحشر /59 ، الآية : 9 ] . و إسخاط العباد في رضا الله تعالى . حدثنا القاضي أبو علي الحافظ ، حدثنا أبو الحسن الصيرفي ، و أبو الفضل ابن خيرون ، قالا : حدثنا أبو يعلى البغدادي ، حدثنا محمد بن محبوب ، حدثنا أبو عيسى ، حدثنا مسلم بن حاتم ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أبيه [ 146 ] عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال أنس ب ن مالك رضي الله عنه : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا بني ، إن قدرت أن تصبح و تمسي ليس في قلبك غش لأحد فافعل . ثم قال لي : يا بني ، و ذلك من سنتي ، و من أحيا سنتي فقد أحبني ، و من أحبني كان معي في الجنة . فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة لله و رسوله ، و من خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ، و لا يخرج عن اسمها . و دليله قوله صلى الله عليه و سلم للذي حده في الخمر فلعنه بعضهم ، و قال : ما أكثر ما يؤتى به ! فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا تلعنه ، فإنه يحب الله و رسوله . و من علامات محبة النبي صلى الله عليه و سلم كثرة ذكره له ، فمن أحب شيئاً أكثر ذكره . و منها كثرة شوقه إلى لقائه ، فكل حبيب يحب لقاء حبيبه . و في حديث الأشعريين عند قدومهم المدينة أنهم كانوا يرتجزوون : غداً نلقى الأحبة . محمداً و صحبه . و تقدم قول بلال . و مثله قال عمار قبل قتله . و ما ذكرناه من قصة خالد بن معدان . و من علاماته مع كثرة ذكره رسول الله تعظيمه له و توفيره عند ذكره تعالى و إظهار الخشوع و الإنكسار مع سماع إسمه . قال إسحاق التجيبي : كان أصحاب النبي ص لى الله عليه و سلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا و اقشعرت جلودهم و بكوا . و كذلك كثير من التابعين منهم من يفعل ذلك محبة له و شوقاً إليه ، و منهم من يفعله تهيباً و توقيراً . و منها محبته لمن أحب النبي صلى الله عليه و سلم ، ومن هو بسببه من آل بيته و صحابته من المهاجرين و الأنصار ، و عداوة من عاداهم ، و بغض من أبغضهم و سبهم ، فمن أحب شيئاً أحب من يحبه . و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحسن و الحسين : اللهم أحبهما فأحبهما . و في رواية -في الحسن : اللهم إني أحبه فأحب من يحبه . و قال : من أحبهما فقد أحبني ، و من أحبني فقد أحب الله ، و من أبغضهما فقد أبغضني ، و من أبغضني فقد أبغض الله . و قال : الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، و من آذاهم فقد آذاني ، و من آذاني فقد آذى الله ، و من آذى الله يوشك أن يأخذه . و قال رسول الله في فاطمة رضي الله عنها : إنها بضعة مني ، يغضبني ما أغضبها . و قال لعائشة رسول الله قي أسامة بن زيد : أحبيه فإني أحبه . و قال : آية الإيمان حب الأنصار ، و آية النفاق بغض هم . و في حديث ابن عمر : من أحب العرب فبحبي أحبهم ، و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، فبالحقيقة من أحب شيئاً أحب كل شيء يحبه . و هذه سيرة السلف حتى في المباحات و شهوات النفس . و قد قال أنس حين رأى النبي صلى الله عليه و سلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة : فما زلت أحب الدباء من يومئذ . و هذا الحسن بن علي ، و عبد الله بن عباس ، وابن جعفر ـ أتوا سلمى و سألوها أن تصنع لهم [ 147 ] طعاماً مما كان يعجب رسول الله صلى الله عليه و سلم . و كان ابن عمر يلبس النعال السبتية ، و يصبغ بالصفرة ، إذ رأى النبي صلى الله عليه و سلم يفعل نحو ذلك . و منها بغض من أبغض الله ورسوله ، ومعاداة من عاداه ، ومجانبة من خالف سنته و ابتدع في دينه ، و استثقاله كل أمر يخالف شريعته ، قال الله تعالى : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله [ سورة المجادلة /58 ، الآية : 22 ] . و هؤلاء أصحابه صلى الله عليه و سلم قد قتلوا أحباءهم ، و قاتلوا آباءهم و أبناءهم في مرضاته . و قال له عبد الله بن عبد الله بن أبي : لو شئت لأتيتك برأسه -يعني أباه . و منها ان يحب القرآن الذي أتي به صلى الله عليه و سلم ، و هذي به و اهتدى ، و تخلق به حتى قالت عائشة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن ، و حبه للقرآن تلاوته ، و العمل به و تفهمه . ويحب سنته ، و يقف عند حدودها . قال سهل بن عبد الله : علامة حب الله حب القرآن ، وعلامة حب القرآن حب النبي صلى الله عليه و سلم ، وعلامة حب النبي صلى الله عليه و سلم حب السنة ، وعلامة حب السنة حب الآخرة ، وعلامة حب الآخرة بغض الدنيا ، وعلامة بغض الدنيا ألا يدخر منها إلا زاذاً وبلغة إلى الآخرة . وقال ابن مسعود : لا يسأل أحد عن نفسه إلا القرآن ، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله . ومن علامة حبه للنبي صلى الله عليه و سلم شفقته على أمته ، ونصحه لهم ، وسعيه في مصالحهم ، ورفع المضار عنهم ، كما كان الرسول صلى الله عليه و سلم بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً . ومن علامة تمام محبته زهد مدعيها في الدنيا ، وإيثار الفقر ، واتصافه به . وقد قال عليه الصلاة والسلام لأبي سعيد الخدري : إن الفقر إلى من يحبني منكم أسرع من السيل من أعلى الوادي ، أو الجبل إلى أسفله . وفي حديث عبد الله بن مغفل : قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم يا رسول الله ، إني أحبك . فقال : انظ ر ما تقول . قال : والله إني أحبك ـ ثلاث مرات . قال : إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافاً . ثم ذكر نحو حديث أبي سعيد بمعناه .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
|
|
| |