المدير | التاريخ: الثلاثاء, 2016-11-15, 07:37:04 | رسالة # 1 |
 عضو ذهبي
مجموعة: المدراء
رسائل: 370
حالة: Offline
| في تعظيم أمره و وجوب توقيره و بره قال الله تعالى : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا . لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه [ سورة الفتح / 48 ، الآية : 9 ] . و قال يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله [ سورة الحجرات / 49 ، الآية : 1 ] . و : يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون * إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم * إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون [ سورة الحجرات / 49 ، الآية 2،4 ]. و قال تعالى : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا [ سورة النور /24 ، الآية : 63 ] . فأوجب الله تعالى تعزيزه و توقيره ، و ألزم إكرامه و تعظيمه . قال ابن عباس : تعزروه : تجلوه . و قال المبرد : تعزروه : تبالغوا في تعظيمه . و قال الأخفش : تنصرونه . و قال الطبري :تعينونه . و قرىء : تعززوه ـ بزايين ـ من العز . و نهي عن التقدم بين يديه بالقول ، و سوءالأدب بسبقه بالكلام ، على قول ابن عباس و غيره ، و هو اختيار ثعلب . قال سهل بن عبد الله : لا تقولوا قبل أن يقول ، و إذا قال فاستمعوا له و أنصتوا . و نهوا عن التقدم و التعجل بقضاء أمر قبل قضائه فيه ، و أن يفتاتوا يشيء في ذلك من قتال أو غيره من أمر دينهم ، و لا يسبقوه به . و إلى هذا يرجع قول الحسين ، و مجاهد ، و الضحاك ، و السدي ، و الثوري . ثم و عظهم و حذرهم مخالفة ذلك ، فقال : واتقوا الله إن الله سميع عليم قال الماوردي : اتقوا ـ يعني في التقدم . و قال السلمي : اتقوا الله في إهمال حقه و تضييع حرمته ، إنه سميع لقولكم ، عليم بفعلكم . ثم نهاهم عن رفع الصوت فوق صوته ،و الجهر له بالقول كما يجهر بعضهم لبعض و يرفع صوته . و قيل : كما ينادي بعضهم [151] بعضاً باسمه . قال أبو محمد مكي : أي لا تسابقوه بالكلام ، و تغلظوا له بالخطاب ، و لا تنادوه باسمه نداء بعضكم بعضاً ، و لكن عظموه و نادوه بأشرف ما يحب أن ينادي به : يا رسول الله يا نبي الله . و هذا كقوله في الآية الأخرى : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا على أحد التأويلين . و قال غيره لا تخاطبوه إلا م ستفهمين . ثم خوفهم الله تعالى بحبط أعمالهم إن هم فعلوا ذلك ، و حذرهم منه . و قيل : نزلت الآية في وفد بني تميم ـ و قيل : في غيرهم ، أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فنادوه : يا محمد ، يا محمد ، اخرج إلينا . فذمهم الله تعالى بالجهل ، و وصفهم بأن أكثرهم لا يعقلون . و قيل : نزلت الآية في محاورة كانت بين أبي بكر و عمر بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم ، و اختلاف جرى بينهما ، حتى ارتفعت أصواتها . و قيل : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس خطيب النبي صلى الله عليه و سلم في مفاخرة بني تميم ، و كان في أذنيه صمم ، فكان يرفع صوته ، فلما نزلت هذه الآية أقام في منزله ، و خشي أن يكون حبط عمله ، ثم أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا نبي الله ، لقد خشيت أن أكون هلكت ، نهانا الله أن نجهر بالقول ، و أنا امرؤ جهير الصوت . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أما ترضى أن تعيش حميداً ، و تقتل شهيداً ، و تدخل الجنة ! فقتل يوم اليمامة . وروي أن أبا بكر لما نزلت هذه الآية قال : و الله يا رسول الله ، لا أكلمك بعدها إلا كأخي السرار . وأن عمر كان إذا حدثه كأخي السرار ،ما كان يسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه ، فأنزل الله تعالى فيهم : إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم [ سورة الحجرات /49 ، الآية : 3 ] . و قيل : نزلت : إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ـ في غير بني تميم ، نادوه باسمه : وروى صفوان بن عسال : بينا النبي صلى الله عليه و سلم في سفر إذا ناداه أعرابي بصوت له جهوري : أبا محمد . قلنا له : اغضض من صوتك ، فإنك قد نهيت عن رفع الصوت . و قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا [ سورة البقرة / 2 ، الآية : 104 ] . قال بعض المفسرين : هي لغة كانت في الأنصار ، نهوا عن قولها تعظيماً للنبي صلى الله عليه و سلم ، و تبجيلا له ، لأن معناها : ارعنا نرعك ، فنهوا عن قولها ، إذا مقتضاها كأنهم لا يرعونه إلا برعايته لهم ، بل حقه أن يرعى على كل حال . و قيل : كانت اليهود تعرض بها للنبي صلى الله عليه و سلم بالرعونة ، فنهى المسلمون عن قولها ، قطعاً للذريعة ، و منعاً للتشبيه بهم في قولها ، لمشاركة اللفظة . و قيل غير هذا . فصل : في عادة الصحابة في تعظيمه و توقيره [ 152 ] و إجلاله حدثنا القاضي أبو علي الصدفي ، و أبو بحر الأسدي بسماعي عليهما في آخرين ، قالوا : حدثنا أحمد بن عمر ، حدثنا أحمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا مسلم ، حدثنا محمد بن مثنى ، و أبو معن الرقاشي ، و إسحاق بن منصور ، قالوا حدثنا الضحاك بن مخلد ، أخبرنا حيوة بن شريح ، حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة المهري ، قال : حضرنا عمر ابن العاص ... فذكر حديثاً طويلاً فيه عن عمرو ، قال : و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و لا أجل في عيني منه ، و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له ، و لو سئلت أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن أملا عيني منه . و روى الترمذي عن أنس ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يخرج على أصحابه من المهاجرين و الأنصار و هم جلوس ، فيهم أبو بكر ، و عمر ، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا أبو بكر و عمر ، فإنهما كانا ينظران إليه و ينظر إليهما ، و يتبسمان إليه و يبتسم إليهما . و روى أسامة بن شريك ، قال أتيت النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه حوله كأنما ع لى رؤوسهم الطير . وفي حديث صفته : إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير . و قال عروة بن مسعود ـ حين و جهته قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و رأى من تعظيم أصحابه له ما رأى ، و أنه لا يتوضأ إلا ابتدروا و ضوءه ، و كادوا يقتتلون عليه ، و لا يبصق بصاقاً ، و لا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها و جوههم و أجسادهم ، و لا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها ، و إذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ،و إذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، و ما يحدون إليه النظر تعظيماً له . فلما رجع إلى قريش قال : يا معشر قريش ، إني جئت كسرى في ملكه ، و قيصر في ملكه و النجاشي في ملكه ، و إني و الله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه . و في رواية : إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم محمداً أصحابه . و قد رأيت قوماً لا يسلمونه أبداً . و عن أنس : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحلاق يحلقه ، و قد أطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعره إلا في يد رجل . و من هذا لما أذنت قريش لعثمان في الطواف بالبيت حين وجهه النبي صلى الله عليه و سلم إليهم في القضية أبى ، و قال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه و سلم . و في حديث طلحة : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا لأعرابي جاهل : سله عمن قضلى نحبه ـ و كانوا يهابونه و يوقرونه ، فسأله ، فاعرض عنه ، إذ طلع طلحة ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذا ممن قض نحبه . و في حديث قيلة : فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم جالساً القرفصاء أرعدت من الفرق و ذلك [ 153 ] هيبة له و تعظيماً . و في حديث المغيرة : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرعون بابه بالأظافير . و قال البراء بن عازب : لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الأمر فأؤخره سنين من هيبته .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
|
|
| |